أحكام الأضحية في عيد الأضحى:
عيد الأضحى هو أحد الأعياد الكبرى في الإسلام، ويحتفل به المسلمون في العاشر من ذو الحجة بعد أداء مناسك الحج، وهو يوم يُسجل فيه المسلمون مظهراً من مظاهر التضحية والتقرب إلى الله عز وجل، من خلال الأضحية التي يتم ذبحها وفقًا للضوابط الشرعية. يُعتبر عيد الأضحى مناسبة عظيمة تجمع المسلمين في شتى بقاع الأرض لتذكرهم بقصة إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل، وتأكيدًا على قيمة التضحية والطاعة لله.
أولا:مفهوم الأضحية في الإسلام:
الأضحية هي ذبح شاة أو ما يعادلها من الأنعام (بقر، أو إبل) في أيام عيد الأضحى تقربًا إلى الله تعالى، وهي سنة مؤكدة على كل مسلم قادر. جاءت الأضحية لتكون امتثالاً لما فعله نبي الله إبراهيم عليه السلام عندما رأى في منامه أنه يذبح ابنه إسماعيل عليه السلام، فاستجاب هو وابنه لهذه الرؤية طاعة لله. وعندما فدى الله إسماعيل بكبش عظيم، أصبحت الأضحية رمزًا للطاعة والامتثال لأوامر الله.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: “فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ” (الكوثر: 2)، وهذه الآية الكريمة تعتبر دعوة مباشرة للذبح في عيد الأضحى.
ثانيا:أحكام الأضحية:
1. حكم الأضحية:
الأضحية هي سنة مؤكدة على كل مسلم بالغ عاقل قادر على القيام بها. ويرى جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة أن الأضحية سنة مؤكدة، بينما يرى الحنفية أنها فرض كفاية إذا قام بها أحد أفراد العائلة أو المجتمع. وفي حال عدم قيام المسلمين بالأضحية في المجتمع أو العائلة، يُحسن أن تُعتبر الأضحية فرضًا على الأفراد في بعض الحالات.
2. من يجب عليه الأضحية؟:
يجب على المسلم الذي توفرت فيه شروط الأضحية، مثل القدرة المالية، أن يضحي. لا تجب الأضحية على المريض الذي يتوقع وفاته قريبًا أو على الشخص الذي لا يملك القدرة المالية. كما أنه لا يُشترط أن تكون الأضحية على كل فرد في العائلة، فيكفي أن يقوم بها فرد واحد نيابة عن العائلة.
3. شروط الأضحية:
هناك بعض الشروط الواجب توفرها في الأضحية لكي تكون صحيحة:
العمر:
يجب أن تبلغ الأضحية سنًا معينًا من الأنعام. ففي حالة الغنم يجب أن يكون عمرها عامًا كاملًا، أما في البقر فيجب أن تكون قد أكملت سنتين، وفي الإبل يجب أن تكون قد أكملت خمس سنوات.
السلامة من العيوب:
يجب أن تكون الأضحية خالية من العيوب التي تؤثر في لحمها مثل العمى أو العرج البين أو المرض.
أن تكون ملكًا للمضحي:
يجب أن تكون الأضحية ملكًا للشخص الذي سيضحي، وأن يكون قد مضى عليها زمن التملك بحيث لا تكون قد تم التبرع بها أو بيعها.
4. وقت الأضحية:
يبدأ وقت الأضحية بعد صلاة العيد في اليوم العاشر من ذو الحجة، ويستمر حتى آخر أيام التشريق (الثالث عشر من ذو الحجة). والوقت الأفضل للأضحية هو بعد صلاة العيد، ولكن يمكن ذبح الأضحية حتى مغرب اليوم الثالث عشر من ذو الحجة
5. كيفية تقسيم الأضحية:
يتم تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أجزاء:
أولاً: الجزء الأول يُشترى لحمه للفقراء والمحتاجين.
ثانيًا: الجزء الثاني يُعطى للأهل والأصدقاء.
ثالثًا: الجزء الثالث يتم تناوله من قبل المضحي وأسرته.
ويمكن أن يتم تقسيم الأضحية بطريقة مختلفة، مثل أن يتم التصدق بجزء أكبر أو حتى كله للفقراء إذا كان الشخص يرغب في ذلك، ويُفضل أن يأخذ المضحي نصيبه منها.
6. ذبح الأضحية:
يجب أن يتم ذبح الأضحية بطريقة شرعية، أي باستخدام أداة حادة لذبح الأضحية من أجل تخفيف الألم، ويجب أن يتم الذبح على يد مسلم. كما يجب أن يكون الذبح باتجاه القبلة. ويستحب أن يُذكر اسم الله على الأضحية، حيث قال الله تعالى: “فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ” (الكوثر: 2).
ثالثا:أحكام متعلقة بالأضحية:
1. متى يبدأ المضحي في قص شعره أو أظافره؟:
يُحرم على المسلم الذي يريد أن يضحي أن يقص شعره أو أظافره من بداية أيام العشر من ذو الحجة حتى يضحي. وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من أظافره شيئًا حتى يضحي” (رواه مسلم).
2. التصدق بالأضحية:
لا يجوز بيع الأضحية أو التصدق بثمنها، بل يجب التصدق بجزء منها أو توزيعها على الفقراء والمحتاجين. هذا لأن الأضحية هي قربان لله وليست للتجارة أو الربح.
3. حكم الأضحية عن الأموات:
يُجدر بالذكر أن الأضحية يجوز أن تكون عن الأموات إذا كانت قد تمّت بنية ذلك. يمكن أن يقوم الشخص بذبح أضحية على نية والدين أو أقاربهم الأموات، ويمكن أن يكون ذلك بمقابل الأجر والثواب.
4. الأضحية والغير قادرين:
إذا كان المسلم غير قادر على شراء الأضحية بسبب ضيق الحال، فيمكن له أن يتصدق أو يشارك في الأضحية من خلال التجمع مع آخرين في أضحية جماعية. ففي بعض المناطق، يُجمع عدة أشخاص معًا في ذبح أضحية واحدة، ويقسمون الثمن واللحم بينهم.
الخاتمة:
تعتبر الأضحية في عيد الأضحى من أهم شعائر الإسلام التي تعبّر عن الطاعة والتضحية لله تعالى. من خلال الأضحية، يتذكر المسلمون قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام، ويؤكدون على استعدادهم للطاعة والامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى. إن الأضحية تساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية بين المسلمين، من خلال توزيع اللحم على الفقراء والمحتاجين
، وإحياء شعيرة من شعائر العيد التي تزيد من وحدة المجتمع المسلم.