أقوال الصحابة في تفسير القرآن:

تُعتبر أقوال الصحابة في تفسير القرآن الكريم من أبرز المصادر التي يُستفاد منها في فهم معاني آيات الكتاب العزيز. الصحابة الذين عاشوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورافقوه في تنقلاته، وتعلموا منه، هم أدرى الناس بتفسير القرآن بما أنزل عليه، وتُعتبر تفاسيرهم مرجعية هامة في فقه القرآن وتفسيره. فمن خلال معرفتهم المباشرة بنزول الآيات وأسباب نزولها، أضافوا إلى التفاسير العميقة التي قاموا بتوصيلها للأجيال التالية من المسلمين.

أهمية أقوال الصحابة في تفسير القرآن:

من المعروف أن الصحابة كانوا أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا يعيشون في نفس البيئة التي نزل فيها القرآن، مما يمنح تفسيرهم للآيات مصداقية وموثوقية كبيرة. فهم لم يتلقوا التفسير بالكتب أو علوم أخرى، بل كانوا يتلقون العلم مباشرة من النبي عليه الصلاة والسلام. وبالتالي، فإن تفاسيرهم تعكس فهمًا عميقًا وواقعيًا لنصوص القرآن الكريم.

إن أقوال الصحابة ليست مجرد تأويلات شخصية بل هي تعبير عن الفهم الصحيح الذي أخذه الصحابي من النبي صلى الله عليه وسلم أو من الواقع الذي عاشه، ولهذا يمكن القول أن تفاسيرهم تحتوي على تفصيلات مهمة في فهم معاني القرآن وفهم السياقات التي نزلت فيها الآيات.

أولا :أقوال الصحابة في تفسير القرآن:

1. عبد الله بن عباس رضي الله عنه (ترجمان القرآن):

يعد عبد الله بن عباس رضي الله عنه أحد أعظم المفسرين بين الصحابة، وكان له باع طويل في تفسير القرآن. فقد قال في تفسير قوله تعالى: “إِنَّ اللّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا” (الحج: 38): “إن الدفاع عن المؤمنين لا يتوقف عن حماية أنفسهم فقط، بل يشمل أيضًا ما يضرهم من محاولات أعدائهم”. وقد اشتهر عبد الله بن عباس بتفسير آيات عديدة مثل قوله في تفسير “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا” (البقرة: 83): “إن هذه الآية تحث المسلم على التحدث إلى الناس بالكلام الطيب واللطف”. كما كان لديه الكثير من التفاسير الدقيقة التي نقتبسها اليوم لفهم معاني القرآن.

2. عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

كان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مفسرًا حكيمًا للقرآن الكريم، وقد اشتهر باجتهاداته العميقة في فهم آيات القرآن وتفسيرها. في تفسيره لآية “فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ” (الجمعة: 10)، فسرها بأنها دعوة للعمل والتوسع في الأرض بعد أداء الصلاة، مما يدل على أهمية العمل الدائم بعد أداء الفرائض. كما فسر قوله تعالى: “يُدْنِي رَحْمَتَهُ مَن يَشَاءُ” (البقرة: 261) بأن الله يمنح رحمته لمن يشاء من عباده ويهديهم بما يشاء.

3. أبو هريرة رضي الله عنه:

كان أبو هريرة رضي الله عنه من الصحابة الذين اهتموا بنقل الأحاديث النبوية، وله العديد من الأقوال في تفسير القرآن. في تفسيره لآية “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينَ” (التوبة: 60)، قال إن هذه الآية تعكس أهمية دعم الفقراء والمحتاجين، وتحديد مستحقي الزكاة. وقد كان أبو هريرة يربط بين العمل بتفسير القرآن وسلوك المسلم في حياته اليومية.

4. عثمان بن عفان رضي الله عنه:

يعتبر عثمان بن عفان من الصحابة الذين كان لهم فقه عميق في تفسير القرآن. في تفسيره لقوله تعالى: “وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا” (النساء: 93)، قال: “إن القتل المتعمد لا بد من عقاب عظيم، وأنه لا يجوز قتل المؤمن إلا في حالات محددة تتطلبها الشريعة، مثل الدفاع عن النفس أو الجريمة الكبرى”. كانت تفسيرات عثمان بن عفان مرتبطة بتطبيق العدل وإقامة الحدود في المجتمع.

5. علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

كان علي بن أبي طالب، أمير المؤمنين، من أفقه الصحابة في تفسير القرآن. وقد فسر العديد من الآيات بناءً على معانيها العميقة، ففي تفسيره لآية “إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَفَجَّرَتْ” (الإسراء: 109)، قال: “إن المؤمنين هم الذين إذا تذكروا آيات الله، فإنهم لا يتوانون عن السجود لله والاعتراف بعظمته”.

ثانيا:مفاهيم أساسية في تفسير الصحابة:

1. مراعاة أسباب النزول:

الصحابة كانوا يربطون التفسير بأسباب النزول، وهي معرفة السياق الذي نزلت فيه الآية، مما يساعد في فهم المعنى الحقيقي للآية. كان الصحابي عبد الله بن عباس، مثلًا، من أبرز من اهتموا بأسباب النزول وأثرها في تفسير الآيات.

2. التفسير بالمعنى لا بالظاهر:

الصحابة كانوا يحرصون على فهم المعنى الحقيقي للآيات، ويعطون أحيانًا تأويلات ترتبط بالواقع المعيش. كان التفسير لديهم يعتمد على الواقع الحي وليس فقط على النصوص الظاهرة.

3. الاجتهاد والقياس:

كان الصحابة يستخدمون الاجتهاد في تفسير بعض الآيات التي قد تحتاج إلى تفسير إضافي بناءً على فقههم العميق. وهذا يظهر في العديد من التفاسير التي نُقلت عنهم في مسائل فقهية دقيقة.

الخاتمة:

تعد أقوال الصحابة في تفسير القرآن الكريم من المصادر المهمة لفهم النصوص القرآنية. فالصحابة، بما لهم من قرب من النبي صلى الله عليه وسلم ومعايشة لظروف نزول القرآن، كانوا أقدر الناس على تفسير آياته بالشكل الصحيح الذي يتناسب مع معانيها الأصلية. ويستمر تأثيرهم في تفسير القرآن عبر الأجيال من خلال نقل اجتهاداتهم وأقوالهم، مما يوفر للمسلمين اليوم مرجعية غنية لفهم القر

آن الكريم والتفاعل معه في الحياة اليومية.

 

Review Your Cart
0
Add Coupon Code
Subtotal