تاريخ بناء جامع القرويين في فاس:

يُعد جامع القرويين في مدينة فاس، المغرب، واحدًا من أقدم المساجد وأهم الجامعات في العالم، وهو يشتهر كأحد المعالم الثقافية والدينية البارزة في تاريخ الحضارة الإسلامية. تأسس جامع القرويين في عام 859 ميلادي، على يد فاطمة الفهريّة، وهي امرأة من أسرة نبيلة من مدينة القيروان (تونس حاليًا)، حيث كانت تسعى لإنشاء مؤسسة تعليمية ودينية تخدم المجتمع وتدعو إلى العلم والمعرفة.

1. التأسيس:

بدأ بناء جامع القرويين كمجمع صغير يهدف إلى تحفيظ القرآن وتعليم المبادئ الدينية الإسلامية. تأسس المسجد في البداية كمسجد صغير للصلاة، لكنه سرعان ما تطور ليصبح مركزًا علميًا مهمًا يضم دراسات متنوعة في الفقه، والحديث، والتفسير، والفلك، والطب، والرياضيات. وقد كانت فاطمة الفهريّة، بعد وفاة والدها، قد ورثت ثروة كبيرة تم استخدامها في بناء هذا الصرح العلمي والديني.

2. التطور والتحول إلى جامعة:

في البداية، كان جامع القرويين مركزًا للصلاة والعبادة، ولكن بمرور الزمن تطور ليشمل مدارس علمية عديدة. في القرن العاشر الميلادي، بدأ المسجد يتحول إلى جامعة، حيث جرت فيه الدروس والتعليم في مختلف العلوم الشرعية والعلمية. الجامعة استقطبت العلماء والطلاب من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، بما في ذلك الأندلس، مصر، المشرق العربي، وغيرهم.

3. أهمية جامع القرويين كجامعة:

منذ تأسيسه، لعب جامع القرويين دورًا محوريًا في تعليم العلوم الإسلامية، حيث شهد حضور العديد من العلماء البارزين مثل ابن خلدون والرازي والطبري. أصبح جامع القرويين في تلك الفترة مركزًا علميًا عالميًا حيث كان يستقطب علماء من أوروبا والعالم الإسلامي على حد سواء.وتأثرت سمعة الجامعة بشكل كبير بسبب تنوع المواد الدراسية، حيث كانت تشمل: الفقه، والتفسير، والحديث، والفلك، والجغرافيا، والطب، والرياضيات. هذا التنوع جعلها من أبرز المؤسسات العلمية في العالم الإسلامي.

4. التطور في العصور المختلفة:

شهد جامع القرويين العديد من التحسينات والإضافات على مر العصور، وكان يتوسع بشكل مستمر ليتسع لمزيد من الطلاب والزوار. في العصر المريني، شهد الجامع تجديدات كبيرة، وتم بناء مكتبة القرويين التي ضمت العديد من المخطوطات العلمية والدينية القيمة. وفي العصور اللاحقة، بما في ذلك العهد العلوي، استمرت الجامعة في تقديم التعليم في مختلف المجالات.

5. الجامعة في العصر الحديث:

اليوم، لا يزال جامع القرويين يعتبر مركزًا علميًا ذا سمعة كبيرة في العالم الإسلامي، رغم التحولات التي شهدتها الأنظمة التعليمية في العصر الحديث. وفي عام 1965م، تم تصنيفه من قبل اليونسكو كجزء من التراث الثقافي العالمي، ما يعكس أهميته التاريخية والدينية. كما يتم تجديده وتحديثه باستمرار للحفاظ على مكانته التاريخية.

6. الخاتمة

جامع القرويين في فاس هو رمز هام من رموز العلم والحضارة الإسلامية، وله تاريخ طويل في تدريس العلوم وتطوير الفكر الإسلامي. يعد هذا الجامع شاهدًا على قدرة العالم الإسلامي على إنشاء مؤسسات علمية رائدة تساهم في نشر المعرفة والثقافة عبر العصور. ومن خلال دوره الكبير في مختلف الحقب التاريخية، لا يزال جامع القرويين واحدًا من أعظم المعالم التاريخية والتعليمية في العالم.

 

Review Your Cart
0
Add Coupon Code
Subtotal