تاريخ بناء جامعة الأزهر الشريف:

تعد جامعة الأزهر من أعرق وأهم المؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي، وقد لعبت دوراً كبيراً في الحفاظ على التراث العلمي والثقافي للدين الإسلامي، كما ساهمت في نشر المعرفة في مختلف المجالات. تأسست جامعة الأزهر في القاهرة بمصر في عام 970 ميلادي على يد المعز لدين الله الفاطمي، وهي واحدة من أقدم الجامعات في العالم التي لا تزال تعمل حتى يومنا هذا.

أولا. الأسس والهدف من بناء جامعة الأزهر:

تأسس الأزهر في الأصل كجامع كبير بهدف نشر وتعليم المذهب الشيعي الفاطمي في العالم الإسلامي، حيث كان المعز لدين الله الفاطمي حاكمًا شيعيًا. ومع مرور الوقت، تحول الأزهر إلى مركز علمي وتعليمي مفتوح أمام جميع المذاهب الإسلامية، وبدأ يستقطب علماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

كان الهدف من بناء الأزهر هو إنشاء مؤسسة تعليمية تضم جميع العلوم الإسلامية من فقه وتفسير وحديث وفلسفة وغيرها. ومع تطور الزمن، تحول الأزهر إلى صرح تعليمي يساهم في بناء الفكر الإسلامي، ويجمع بين التعليم الديني والدنيوي، ليصبح أحد مراكز التأثير العلمي والثقافي في العالم الإسلامي.

ثانيا.تطور جامعة الأزهر عبر العصور:

1. العصر الفاطمي (970م – 1171م):

في البداية، كان الأزهر جامعًا تم تأسيسه في العصر الفاطمي على يد المعز لدين الله الفاطمي. ومنذ ذلك الحين، بدأ الأزهر في لعب دور كبير في نشر العلم والدين. في ذلك الوقت، كان يقتصر تدريس الأزهر على الفقه الشيعي، ولكن سرعان ما بدأ الأزهر في استقبال علماء مختلف المذاهب الإسلامية.

2. العصر الأيوبي والمملوكي (1171م – 1517م):

في عهد صلاح الدين الأيوبي الذي أسس الدولة الأيوبية، بدأ الأزهر في الانفتاح على المدارس السنية في الفقه والتفسير. في العصور المملوكية، توسع الأزهر وأصبح أكثر تأثيرًا في العالم الإسلامي. وقد تم في هذه الفترة تطوير المكتبة الأزهرية وزيادة عدد المدارس التابعة له.

3. العصر العثماني (1517م – 1798م):

عندما دخلت مصر تحت الحكم العثماني، أصبح الأزهر مركزًا علميًا ذا طابع سنّي، وأخذ دورًا رئيسيًا في إدارة الشؤون الدينية والتعليمية في مصر. واستمر الأزهر في التأثير على الثقافة الإسلامية حتى العهد العثماني، حيث أضاف العديد من الكليات والتخصصات الأكاديمية.

4. العصر الحديث (1805م – الوقت الحاضر):

مع بداية العصر الحديث في القرن التاسع عشر، وتحديدًا في عهد محمد علي باشا، بدأت جامعة الأزهر في التطور بشكل كبير. تم تحديث المناهج الدراسية في الأزهر، وأصبحت الجامعة تضم تخصصات علمية وأدبية جديدة، بعيدًا عن التعليم الديني التقليدي فقط. في هذا الوقت، بدأ الأزهر في تقديم التعليم في مجالات مثل الطب والهندسة والعلوم الطبيعية، ليواكب التطور الذي شهده العالم.

ثالثا.الآثار التعليمية والثقافية لجامعة الأزهر:

اليوم جامعة الأزهر تُعد واحدة من أعرق الجامعات الإسلامية التي تخرج العديد من العلماء والمفكرين الذين ساهموا في تطوير الفكر الإسلامي. تحظى هذه الجامعة بسمعة مرموقة ليس فقط في العالم العربي والإسلامي، بل في جميع أنحاء العالم. كما أن الأزهر يُعتبر مرجعية دينية لأتباع المذهب السني، ويلعب دورًا حيويًا في نشر الفهم الوسطي للإسلام.

كما أن الأزهر يعتبر منبراً مهماً للفتوى، وله تأثير عميق على القضايا الدينية والسياسية في العالم الإسلامي، خاصة في مصر. يُدرس في الأزهر العديد من التخصصات، بدءًا من العلوم الدينية وصولاً إلى الهندسة والطب، ويجمع بين التعليم التقليدي والحديث.

رابعا.الاستقلالية والتحديات المعاصرة:

على الرغم من دوره البارز في التاريخ، يواجه الأزهر في العصر الحديث العديد من التحديات، مثل مطالبات إصلاح المناهج الدراسية لتواكب تطورات العصر. لكن الأزهر ظل صامدًا في تقديم تعليم عالي الجودة، واهتم بتطوير الكوادر العلمية والبحثية.

يتمتع الأزهر اليوم بسمعة عالمية، إذ يتمتع طلابه وخرجوه بمكانة مرموقة في العديد من الدول الإسلامية والعربية، ويُعتبر منارة للعلم والتعليم في العالم الإسلامي.

خاتمة:

جامعة الأزهر الشريف هي صرح علمي وثقافي يمتد تاريخه لأكثر من ألف عام، وقد لعبت دورًا حيويًا في تشكيل الفكر الإسلامي وتعليمه. من خلال تاريخها العريق، استطاعت الأزهر أن تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وأن تظل واحدة من أقدم الجامعات في العالم التي تستمر في تزويد العالم بالعلماء والمفكرين.

 

 

Review Your Cart
0
Add Coupon Code
Subtotal